عالم النسيج يمثل مجالاً مهماً في التاريخ الإنساني ككل وفي عالم الصناعة كذلك، حيث بدأت صناعة النسيج وفنونه قبل آلاف السنين، من خلال عمليات صنع الأقمشة يدوياً باستخدام اليد والأدوات البسيطة وباستخدام الألياف الطبيعية مثل الصوف والكتان والقطن والحرير. وتطورت صناعة النسيج في عدة حضارات مثل مصر القديمة والفراعنة والصين والهند، وأبدعوا في تقديم منسوجات متنوعة بخامات طبيعية وبفن جميل يعكس فترة تلك الحضارات.
ومع مرور الوقت، تطورت تقنيات إنتاج الأقمشة وتنوعت المواد المستخدمة في صناعة النسيج، خاصة مع بداية القرن الثامن عشر ابتكر كثير من العلماء تقنيات الجديدة والآلات النسيجية ساهمت بشكل كبير في صناعة النسيج وزيادة إنتاجيته، ومع الثورة الصناعية للإنتاج تم ابتكار خامات صناعية جديدة كليا تواكب التطورات والاحتياجات للصناعة.
ويمكن القول إن هناك خمس مراحل أساسية في الخط الزمني لعالم النسيج وبداياته
مرحلة الألياف الطبيعية، في البدايات الألياف الطبيعية هي الخيار الأول والأخير للإنسان لمختلف منسوجاته الصيفية أو الشتوية مثل الصوف، الكتان، والقطن، وعمل خلال هذا الوقت على تطوير تقنيات تجهيز هذه الألياف الطبيعية لتحسين جودة النسيج ككل. ويعتبر اكتشاف الإنسان للألياف والموارد الطبيعية مثل الصوف والكتان من أوائل الخطوات في تطور عالم النسيج، حيث استخدم الإنسان الألياف النباتية والحيوانية لصنع الملابس مدعومة بالمواد الأخرى.
مرحلة تطوير الأساليب اليدوية، عبر التاريخ، تم تطوير تقنيات النسيج اليدوية، مثل النول والنسيج باليد، التي تسمح بإنتاج قطع نسيجية فنية تعبر عن تراث وثقافة المجتمع آنذاك، حيث تمثل هذه الأساليب الفنية اليدوية وسيلة لإنتاج الملابس، وكذلك وسيلة للتعبير عن الهوية والتراث والتقاليد، وتعتبر هذه الأساليب بوابة التطور في الأساليب الحديثة.
مرحلة الألياف الصناعية، في نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، تم اكتشاف الألياف الصناعية مثل الرايون والنايلون وكانت هي الثورة الكبرى في عالم النسيج، كونها أدت إلى تطوير كثير من الخامات الصناعية من بعدها، وساهمت في نقل صناعة النسيج إلى عالم آخر، حيث مكنت الألياف الصناعية من وجود خامات بمواصفات ومزايا الألياف الطبيعة ولكن بألياف صناعية.
مرحلة تطور التكنولوجيا، ومع تقدم التكنولوجيا أدى ذلك إلى التحسين بشكل كبير في آلات النسيج وعمليات الإنتاج مما ساهم في زيادة كفاءة الصناعة النسيجية وتطور تقنيات حديثة مثل النسيج الآلي وآلات الليزر وغيرها، بالإضافة إلى التطور في الأنسجة الذكية وثلاثية الأبعاد التي تعد مستقبل قطاع النسيج.
مرحلة الابتكار في التصميم، وبما أن صناعة النسيج ترتبط ارتباطا وثيقا بالموضة والأزياء كان لتصميم المنسوجات دور مهم وكبير خاصة مع التطور في التقنيات المستخدمة، ساهم ذلك في إضافة طابع فني أنيق للمنسوجات الأزياء وساعد في سهولة الابتكار بسبب التقنيات المتعددة اليوم في قطاع النسيج.
مرحلة الاستدامة، في العقد الأخير أصبحت قضايا الاستدامة من أهم القضايا في صناعة النسيج، كون أن صناعة النسيج تعد من أكثر الصناعات التي تؤثر على البيئة والموارد بنهجها الحالي، مما أدى ذلك إلى العمل على تطوير مواد وأقمشة صديقة للبيئة والعمل على تحسين عمليات الإنتاج في صناعة النسيج.
ويمكن أن نرى التطور الذي شهدته صناعة النسيج على مر العصور، لما لها من تأثير عميق على تطور الحضارات والثقافات على مر العصور. ولطالما اعتبر النسيج وصناعته نوعاً من أنواع التعبير الفني الذي يعكس جاذبية وتراث الماضي الأصيل، وتشكل صناعة النسيج جسراً بين الماضي والحاضر.
ولا يزال العمل مستمرًا في الابتكار والتحسين في صناعة النسيج من حيث التكنولوجيا والتقنية، لما لذلك من دور مهم في تشكيل قطاع صناعة النسيج للمستقبل. كون أن التقنيات تستمر بالتطور لتواكب كافة التغيرات والمتطلبات والاحتياجات لسوق الأزياء والموضة أو لتفضيلات المستهلك بنفسه.