ازياء

الأزياء و الإنتاج المفرط

22 يناير، 2024

لا يخفى على أحد أن صناعة الأزياء تعتبر من أكبر الصناعات في الوقت الحالي حول العالم، ومن المتوقع أن تقدر قيمتها بحلول عام 2025 بـ 2.25 تريليون دولار، وتسعى معظم الدول الى المشاركة والإنتاج في هذه الصناعة لتصديرها لدول العالم والعمل على كسبها كصناعة مهمة لاقتصادهم، ومع التقدم التكنولوجي الحاصل في صناعة الأزياء والتغيرات في الثروة للمستهلكين والنمو المتسارع بسبب عولمة هذه الصناعة وتغيرات سوق البيع بالتجزئة الى المتاجر الالكترونية والطلب المتزايد على الأزياء أدى ذلك الى العمل على انتاجها بشكل مفرط للغاية يفوق الحاجة الحقيقة لها.

صناعة الأزياء والتلوث البيئي

تعتبر صناعة الأزياء ثاني أكبر ملوث في العالم للبيئة بعد صناعة النفط، وتأثر هذه الصناعة على البيئة بأكثر من 92 مليون طن من النفايات، و1.5 تريليون لتر من المياه المستهلكة وتنتج حوالي 8-10٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وصناعة الأزياء تعتبر أنها مسؤولة عن حوالي 20٪ من تلوث المياه الصناعية الناتج عن عمليات التصنيع من معالجة النسيج والصباغة للخامات وغيرها. وعلى الرغم من هذا التلوث و الآثار البيئية التي تم الإعلان عنها على نطاق واسع في العديد من الدراسات والأبحاث والمؤتمرات، إلا أنها صناعة تستمر في النمو، ويرجع السبب في إلى ظهور أشكال وأنماط للموضة الحالية في صناعة الأزياء التي تعزز من الاستهلاك العالي لها والتجديد المستمر.

وفقا لشركة McKinsey في تقرير أصدرته أن الملابس من عام 2000 قد تضاعف انتاجها بشكل مفرط وقل استخدام القطع التي تلبس من قبل المستهلكين بنسبة 36% لكل مستهلك، وبحسب إحصائية تهتم في إفراط الإنتاج للأزياء صادرة من معهد الموارد العالمية، أنه بكل عام يتم تصنيع 20 قطعة ملبسيه للشخص الواحد حول العالم أي ما يقارب الـ 158 تريليون قطعة سنوياً.

كيف بواقع اليوم؟

لازالت مشكلة صناعة الأزياء والافراط في انتاجها مستمرة خاصة مع كيفية تعامل الشركات مع نفاياتها، فمع هذا الافراط العالي في عملية الإنتاج حول العالم وللعالم، تلجأ العديد من الشركات العالمية الى العمل على اتلاف وحرق منتجاتها، خاصة بعد نفاذ جميع الحيل الممكنة في بيعها أو تسويقها. وبعض التقارير لمختلف المنظمات حول العالم تفيد بأن 1% فقط من الملابس الغير مباعة بعد انتاجها يتم إعادة تدويرها “أي أنها نسبة تكاد لا تذكر” أما الباقي من هذه القطع فيكون كنفايات للصناعة بسبب الفائض العالي وبالتالي هدر كبير ومبالغة في الإنتاج تسبب مشاكل متنوعة على الانسان والبيئة ومختلف الموارد الطبيعية والصناعية.

المسؤولية الاجتماعية تجاه الافراط في إنتاج الأزياء

المسؤولية الاجتماعية تجاه الافراط في إنتاج الأزياء هو أمر يستدعي الانتباه، حيث يتسبب الاستهلاك الزائد في صناعة الموضة في تأثيرات سلبية عديدة على كافة الجوانب سواء للإنسان أو البيئة والموارد. والافراط في الإنتاج ليس بالضرورة يكون نتيجة سوء تقدير لعملية الإنتاج للأزياء، بل يعتبر التجار والمصنعين أنه من الاسهل والأرخص لهم العمل على الطلب بكميات كبيرة وكبيرة جداً ومن ثم التعامل مع الفائض المسبب لهذا الطلب العالي. بالإضافة إلى كون التجار والمصنعين يتعاملون مع الطلب المتزايد للمستهلكين كذلك والعمل على توفيره بأسرع وقت فبالتالي المسؤولية تقع على الجميع للحد من هذه الازمة التي تفتك الإنسان والبيئة ومختلف الموارد.

وعلى الرغم من كون جميع الحلول يتم العمل بها وممارستها من قبل حتى ولو بشكل بسيط للعمل على الحد من الاثار المترتبة لهذا الإنتاج العالي والمفرط للأزياء، لكن أن يكون الإنتاج للأزياء عند الطلب ممكناً، هو الحل الأمثل على كافة الأصعدة. والعمل على توعية المستهلك وتوجيهه نحو الموضة المستدامة هو الأفضل. لأن الشراء حسب الحاجة وبذكاء يلعب دور هام وهو العامل الأساسي في تخفيف الإنتاج السريع والفائض عن الحاجة والعمل على تحقيق التوازن بشكل كبير في صناعة الأزياء حول العالم.